الثلاثاء، 28 يوليو 2009

حوار مع د/رشدي سعيد


د/رشـــدي ســـعـــيـــد

رشدي سعيد (1920 - ) ، هو هو أحد ابرز رجال العلم في مصر وهو أستاذ في الجيولوجيا، تولي إدارة مؤسسة التعدين و الأبحاث الجيولوجية في الفترة من 19681977 فكان له دور كبير في تنمية هذه المؤسسة، إلى جانب دوره في الاكتشافات التعدينية التي مكنت مصر من التغلب على ما فقدته بعد احتلال سيناء. أتيحت له فرصة العمل السياسي في فترة الستينات والسبعينات كعضو في مجلس الشعبالإتحاد البرلماني الدولي. لتشمله في النهاية قرارات اعتقال 1981 ليتغرب ويضطر لبيع مكتبته العلمية ليستطيع الحياة في الولايات المتحدة.

السد العالي أفاد السودان أكثر من مصر!!

عندما يقول عالم بحجم الدكتور رشدي سعيد إن مصر لا تستطيع الإفاد\ة من زيادة حصتها من مياه النيل فيجب أن نأخذ كلامه على محمل الجد.فماذا إذا عرفنا منه أن السودان ربحت من بناء السد العالي أكثر مما ربحت مصر؟بالتأكيد يجب أن نندهش و نسأل.
الدكتور رشدي سعيد يدعو المسئولين إلى تخفيف الكثافة السكانية حول النيل إنقاذا لمستقبل مصر ..كما يطالب ببناء سور عند مضيق جبل طارق لحماية دول حوض البحر المتوسط من الغرق.
بصراحة كان الحوار مع الدكتور رشدي عامرا بالمفاجآت و المعلومات و الخيالات..فهيا بنا نسبح معه.

ذكرت أن إستخدام مياه الصحراء في الزراعة تبديد لثروة مصر من هذه المياه..كيف ذلك؟

لإن مياه الصحراء نادرة و لذلك نحن في حاجة إلى إستخدامها أفضل إستخدام، وهذا يكون عن طريق الصناعة و ليس الزراعة على أن تتركز الزراعة في وادي النيل. علينا أن نلاحظ أن 95% من مياه مصر تأتي من نهر النيل و هي محددة ب 55 مليار متر مكعب و إذا زادت المياه عن هذه النسبة نلقي بها في مفيض توشكى ثم نلقيها في الصحراء. هذه المياه الزائدة ملك مصر لإنه في حالة زيادة ميا النيل عن المتوسط تطون الزيادة من نصيب مصر و لذلك تم تصميم مفيض توشكى خلف السد لهذه المياه الزائدة و لكننا إكتشفنا اننا لا نستطيع أن نستخدم هذه المياه الزائدة؟

لــــمــــاذا؟

لإن أي كمية مياه زائدة تدخل مصر تكون خطيرة عليها لإنها يمكن أن تنحر الأرض..لإنها عبارة عن مياه صافية،ليس فيها طمي وهذه المياه يكون فيها طاقة كبيرة..هذه الطاقة إما أن تنحر أسفل النهر و تؤثر على الكباري أو جوانب النهر و تقلل الأرض الزراعية و لذلك فمصر لا تستطيع أن تستفيد إلا من الكمية المحددة في الإتفاقية و هي 55 مليار متر مكعب.

الحل لأزمة المياه القادة أين يكمن؟

يجب أن نعيش في حدود هذه النسبة و علينا ألا ننسى أن السد العالي حدد صورة مصر و يجب أن نعيش طبقا لهذه الصورة لأن تغييرها أصبح مستحيلا، و أن نستفيد أقص إستفادة من كل قطرة مياه و هناك أفكار كثيرة و مشاريه لترشيد إستخدام المياه..فمثلا الملاحة تستخدم جزءا كبيرا من المياه في الشتاء ثم نرمي بهذه المياه في البحر من أجل الملاحة لكن بقليل من التخطيط و الإعتماد على الملاحين الهرة يمكن أن أضع شمندورات في الميها العميقة و أحدد مجرى ملاحيا فلا تشحط المركب بينما نحن الآن نعلي المياه إلى أقصى درجة كنوع من الأمان مما يكلفنا مياها كثيرة نلقي بها في البحرمن أجل الملاحة..لإن الزراعة تستهلك مياها قليلة جدا بالشتاء..كما أن الري بالتنقيط إحد طرق توفير المياه في الزراعة.

ألا يمكن توسيع مساحة مصر الزراعية و إستغلال مناطق مشهورة بالمياه الجوفية مثل الوادي الجديد؟

مشروع توشكى كان من المفترض أن يكون في الوادي الجديد، فتوشك أرض منخفضة، و كان مخططا عمل ترعة من توشكى إلى الوادي الجديد، و جاءت هذه الفكرة عند بناء السد العالي ، كان هناك شعور بالرفاهية وأننا سوف نحل كل مشاكلنا لأن السد سوف يوفر لنا مياها كثيرة ، إضافة إلى أن فترة الستينيات كانت مطيرة في أفريقيا و لم تكن هناك دولة -في أفريقيا- تحتاج هذه المياه بما يعني أنها لنا إضافة بالطبع إلى الكهرباء ..لكن الذي حدث أننا أخذنا من السد 7,5 مليار متر مكعب فقط.

لــــــمــــــاذا؟

السد عند بنائه كان سيضيف إلينا المياه التي نلقي بها في البحر المتوسط التي تقدر ب 23 مليار متر مكعب و عند تخزينها سيتبخر منها 5,7 جزء و يتبقى 22 مليارا يتم تقسيمها بيننا و بين السودان وتم عمل إتفاقية، حيث أخذنا 7,5 و أعطينا السودان 14,5 ,وكان هذا تعويضا للسودان عن لأنه في سنة 1938 بدأ السودان زراعة القطن و بدا يأخذ مياها فعملنا لجنة مشتركة و قلنا توزع ميها النيل بحيث تكفي الزراعة في البلدين و أخنا طبقا لهذه الإتفاقية 48 ملبار متر مكعب و السودان أربعة فقط لأن مساحته الزراعية كانت صغير جدا و لذلك عندما تك بناء السد أعطيناهم الجزء الأكبر 14,5 و أخذنا نحن 7,5 فقط فأصبح نصيبهم 18,5 و نحن 55,5 مليار متر مكعب .

لكن لماذ لم ينجح مشروع الوادي الجديد كما مان مخططا له؟

الوادي مشروع عمله جمال عبدالناصر عام 1959 لأنه كانت لديه فكرة أن المياه الجوفية هناك كثيرة جدا، و لكن الدراسات العلمية أثبتت ان المياه الجوفية قليلة و غير متجددة ، و كثير من الآبار ، كانت تتفجر باليماه ثم تقل بسرعة ، بما يعني أن المياه الجوفية هناك قليلة، و من هنا جاءت فكرة توصيل المياه من السد العالي للوادي الجديد و التي لم تنفذ لصعوبة التضاريس .

ألا يوجد أي أمل لزيادة مساحة مصر من الأرض الزراعية ؟

الأمل أن نتوقف الإعتداءات عليها و أن تحسن بالطرق العلمية ، فالزراعة أصبحت في العالم الحديث غير مربحة و لذلك فهي مدعومة في كل البلاد بما فيها أمريكا و فرنسا و اليابان، فالزراعة لا تكون مربحة إل عندما تتحول إلى صناعة مثل تحويل القطن إلى نسيج.

يمناسبة القطن ما الذي حدث للقطن المصري؟

الذي حدث للقطن هو نفسه ما حدث للقمح لأننا ننافس فيهما أمريكا. فالقطن الأمريكي محصول مهم للفلاح الأمريكي و جزء من سياسة أريكا أن تدعم الفلاحين لأن لهم أصواتا إنتخابية، و لذلك تم تدمير القطن المصري و القمح المصري صالح الفلاح الأمريكي و هذا تاريخيا معروف.

قلت أن الري بالتنقيط يوفر المياه..هل هذه الطريق تناسب الفلاح المصري؟

هــو صــعــب وغـــال.

و الـــــحـــــل؟

الكثافة السكانية أدت إلى تآكل المساحة مرة بالسكن و مرة ببناء الطرق و الكباري و لذلك لابد من خطة لتقليل الكثافة السكانية في وادي النيل ، و إلا نقوم بعمل زراعة و لا صناعة و ولاسياحة و ببالتالي لا نتقدم لأن الأرض سيرتفع سعرها جدا ، و أي صناعة ستحتاج ملايين الجنيهات لشراء أراض فقط، و بالتالي سنخسر الصناعة. فأفضل شئ أن ننقل عددا من السكان إلى خارج وادي النيل .

كــــيــف يــحــدث ذلـك؟

نقوم بعمل روضات صناعية حول أماكن مصادر الطاقة و يمكن أن يكون هذا هو مشروه مصر القومي لنقل ملايين الناس إلى مدن صناعية بالصحراء على أن تكون الحياة بهذه المدن أفضل من الحياة في زحام القاهرة. و هذا يحتاج إلى خيال و مسابقات اتخطيط سكن جديد و رخيص .. و يمكن ان نطبق ذلك على المنطقة ما بين القاهرة و سيوة فهي منطقة كبيرة و مستوية و بها آبار بترول و غاز و معتدلةة المناخ و بها طرق فمثر في كل كام كيلو نقيم منطقة صناعية متكاملة :سكن و مدارس و مستشفيات. على أن تكون جميع المدن على خط واحد لإمكانية ربطها بخط سكك حديد في المستقبل.

هل هذا يأخذنا إلى ممر التنمية الذي تحدث عنه الدكتور فاروق الباز؟

ممر التنمية ليس له فائدة إلا للمقاولين لأنه بالنسبة لهم طوب و زلط و حديد و استيراد..إنه شئ جيد لهم لكن ما يحدث بعد ذلك لا يهم..علينا بدلا من عمل الممر أولا نعمل التنمية ثم يأتي الممر.

مــا الــفــرق بــيــن الــحــالــتــيــن؟

فكرة ممر التنمية شارع و خط سكك حديدية من العلمين لحدود السودان . فماذا ستنقل؟ لا شئ! و فكرة ممر التنمية فكرة أمريكية تصلح في أمريكا لأن هناك التنمية تأتي على الممرات و السكك الحديدية فالمهاجرون كانوا يسكنون في الشرق و كانوا يقتحمون الغرب بمد السكك الحديدية . و هذا حدث-هناك- لوجود مصادر ثروة طبيعية كثيرة مياه و زراعة و كهرباء على طول الممرات..بينما نحن صحراء . فكيف نقنع الناس بالذهاب إلى الصحراء ، يجب أن نعمرها أولا بالمصانع و المساكن ثم نمد الطرق إليها ..ومصر يوجد بها طرق أكثر مما يتصور أي أحد و كلها طرق لا يوجد حولها شئ.

التغيرات المناخية هل ستؤدي إلى غرق الدلتا؟

من المؤكد أن هناك إرتفاع في درجة حرارة الجو و أن جبال لاجليد تذوب في القطب الشمالي، و بالتالي سوف تزيد مياه البحر و هذه من العمليات التي لا يمكن أن نكافحها و يجب أن نتوأم معها . و هذا حدث تاريخيا ان إبتعد البحر عن مصر و كبرت مساحتها. حدث ذلك عدة مرات . ففي القرن ال11 إرتفعت حرارة الجو و أصبحت ((جرينلاند)) بلادا يسكنها البشر، كما أن البحر أغرق المنزلة و كانت منطقة عامرة و مركز للتجارة. و في عام 1850 حدث ما يسمى بعصر الجليد الصغير، 100 سنة للعالم برد نتج عنه زيادة في الجليد مما أدى إلى صغر مساحة سويسرا ، كما إنحسر البحر عن مصر فزادت مساحتها . و قام الأتراك ببناء قوابي هذه القوابي تحتاج الآن إلى مركب للوصول إلبها ..هذا حدثو قد يحدث.

ما هو الحل لمواجهة ذلك؟

مسألة عمل سور حول البحر مستحيلة و غير منطقية. أما العمل الوحيد فهو عمل سد عند جبل طارق يحمي كل دول المتوسط وهو موضوع يحتاج إلى إتفاقيات و مفاوضات طويلة خاصة أن هناك دولا مرتفعة لن تتأثر بزيادة منسوب المياه مثل فرنسا و إيطاليا.


ملحوظة: هذا الحوا نشر في جريدة الأهرام المصرية بتاريخ 10\4\2009