السبت، 8 أغسطس 2009

حصة الفرد السنوية تتراجع إلى نصف معدل الفقر المائى عام 2025




فى الوقت الذى تخوض مصر فيه حروبا دبلوماسية للإبقاء على حصتها من مياه النيل، توقع محمد نصرالدين علام، وزير الموارد المائية والرى، انخفاض نصيب الفرد سنويا من المياه إلى نحو 582 مترا مكعبا بحلول عام 2025 طبقا لمؤشرات الاحتياجات.


وتسببت الزيادة السكانية المطردة، بالفعل فى زيادة الطلب على المياه بشكل كبير، مما أدى لتدنى نصيب الفرد من المياه إلى أقل من حد الفقر المائى الذى يقدر بألف متر مكعب سنويا، حيث بلغ فى عام 2007 نحو 740 مترا مكعبا، بعدما كان عام 1959 يقدر بنحو 1893 وتناقص تدريجيا إلى 936 مترا مكعبا عام 96.


وأوضح الوزير الذى بدأ أمس الأول زيارة ميدانية إلى أسوان لتفقد أعمال السحارة المغذية لفرعى 3و 4 لقناة الشيخ زايد بتوشكى أن زيادة المساحة الزراعية تسببت فى نقص نصيب الفرد من المياه، حيث زادت من 5،8 مليون فدان عام 1980 إلى ثمانية ملايين فدان عام 97، إضافة لمشروعات الدولة للتوسع الزراعى واستصلاح 3،4 مليون فدان بحلول عام 2017 والذى يضيف إلى الرقعة الزراعية ما يزيد على مليون فدان بتوشكى وترعة السلام وحدهما.


وشرح وزير الرى الموقف المائى الحالى قائلا إن زيادة الاحتياجات المائية لقطاع الصناعة تقدر بنحو 2،2 مليار متر مكعب سنويا، ومن المتوقع أن تصل إلى 4،2 عام 2017. لافتا إلى أن الجريان السطحى لمياه النيل هو المصدر المائى الوحيد لدولتى المصب مصر والسودان، حيث يمثل النهر 95% من مواردنا المائية المتاحة فعليا، إضافة إلى 1،3 مليار متر مكعب من الأمطار و1،4 مليار من المياه الجوفية سنويا، و5،4 مليار ناتج عن إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى ليصل إجمالى ما تحصل عليه مصر من المياه إلى 63،6 مليار متر مكعب.


على جانب آخر من المقرر أن يسافر وزير الرى صباح الأربعاء المقبل إلى الكونغو فى زيارة تستمر ثلاثة أيام يجرى خلالها مباحثات مع وزير الرى الكنغولى، سعيا لإحداث اختراقات فى التفاوض مع دول منابع حوض النيل السبع، بهدف الوصول إلى صيغ مناسبة ترضى جميع الأطراف فى الاتفاقية الإطارية لمبادرة حوض النيل، قبل انتهاء المهلة التى حددها وزراء الرى الأفارقة فى اجتماعاتهم بمدينة الإسكندرية، بطلب من السودان، كما يبحث مع نظيره الكونغولى المشروعات المشتركة المقترح إقامتها فى الكونغو والتعاون الفنى.


الجمعة، 7 أغسطس 2009

سيناريوهات النيل الثلاثة

دول حوض النيل


ماذا سي حدث لو فوجئت مصر غدا بأن إثيوبيا أو أى دولة من حوض النيل مثلا قررت بناء مجموعة من السدود لحجز بعض مياه نهر النيل، الأمر الذى من شأنه التأثير على حصة مصر من المياه المتدفقة عليها سنويا «حوالى 55.5 مليار متر مكعب»؟!


هناك مجموعة من الحلول يمكن إيجازها فى ثلاثة سيناريوهات:


الأول: أن تعلن مصر أنها ستحارب أى دولة تؤثر على حصة المياه التى تصل إليها، كما فعل الرئيس الأسبق أنور السادات فى نهاية السبعينيات، حينما هدد إثيوبيا بالحرب إن هى أقامت سدا.


السيناريو الثانى: أن تزيد مصر من تعاونها مع بلدان حوض النيل وتتوسع فى إقامة مشروعات تنموية مشتركة مما يجعل خيار التعاون بالنسبة لهذه البلدان أكبر وأكثر فائدة من مناكفة مصر والكيد لها.


السيناريو الثالث: أن يتم المزج بين السيناريوهين السابقين، بمعنى تعميق التعاون من جهة، والتلويح للبلدان بأن إصرارها على «مضايقة مصر» لن يمر دون ثمن.


السيناريو الأول: لم يعد مجديا عمليا لأسباب متعددة أولها أنه لن ينهى المشكلة، ثم إن أضرار استخدام القوة العسكرية فى مثل هكذا مشكلة يزيد تفاقمها ولا يحلها، وعلينا تذكر أن كل القوة الأمريكية فشلت ولاتزال فى حسم الحرب فى أفغانستان.


السيناريو الثانى:جيد جدا فى حالة أن تكون العلاقات سوية وطبيعية، لكن المشكلة أن هناك أطرافا كثيرة «تلعب» فى المسألة، وبدأت تكتشف أن مياه النيل هى نقطة الضعف المصرية، أو «الملح» الذى يتم وضعه دائما على الجرح، وبالتالى، فإن التركيز فقط على هذا السيناريو يدفع البعض للمزيد من الابتزاز وطلب أثمان باهظة مقابل التوقف عن المناكفة.


السيناريو الثالث: يبدو أكثر ملاءمة، لأنه على الأقل يضمن حسن نوايانا أولا، ولن يضعنا فى موقف المعتدى، ويحفظ كرامتنا ويجعل الآخرين لا يغالون كثيرا فى مطالبهم.


وللموضوعية ورغم الأخطاء الفادحة التى ارتكبتها الحكومة المصرية فى ملف مياه النيل طوال السنوات الماضية فإن إدارة هذا الملف فى الشهور الأخيرة شهدت تحسنا ملموسا وأثمرت بعض النتائج على الأرض. أبرزها أن اجتماع وزراء رى دول مجلس حوض النيل الأخير فى الإسكندرية وافق على مهلة مدتها 6 أشهر لحسم النقاط الخلافية فى الاتفاق الإطارى لبلدان حوض النيل، مما قد يعطى مصر فرصة أخرى لتحقيق مطالبها الثلاثة الأساسية فى الاتفاقية وهى الحفاظ على حصتها «التاريخية».


وأن تكون القرارات بالإجماع، وألا تقام سدود من دون موافقتها هى والسودان.


أهمية وخطورة ملف مياه النيل يجعلنا نبذل كل ما نستطيع كى نحافظ على حصتنا، بل والعمل على زيادتها وبداية ذلك هو التخطيط الجيد وتعميق العلاقات مع بلدان حوض النيل، لكن الخوف الحقيقى هو ما الذى يجعل الرهان على الحكومة فى هذا الملف وهى التى فشلت فى كل الملفات المشابهة؟!


ملحوظة:المقال بقلم\عماد الدين حسين, نشر في جريدة الشروق المصرية بتاريخ 4\8\2009