الجمعة، 7 أغسطس 2009

سيناريوهات النيل الثلاثة

دول حوض النيل


ماذا سي حدث لو فوجئت مصر غدا بأن إثيوبيا أو أى دولة من حوض النيل مثلا قررت بناء مجموعة من السدود لحجز بعض مياه نهر النيل، الأمر الذى من شأنه التأثير على حصة مصر من المياه المتدفقة عليها سنويا «حوالى 55.5 مليار متر مكعب»؟!


هناك مجموعة من الحلول يمكن إيجازها فى ثلاثة سيناريوهات:


الأول: أن تعلن مصر أنها ستحارب أى دولة تؤثر على حصة المياه التى تصل إليها، كما فعل الرئيس الأسبق أنور السادات فى نهاية السبعينيات، حينما هدد إثيوبيا بالحرب إن هى أقامت سدا.


السيناريو الثانى: أن تزيد مصر من تعاونها مع بلدان حوض النيل وتتوسع فى إقامة مشروعات تنموية مشتركة مما يجعل خيار التعاون بالنسبة لهذه البلدان أكبر وأكثر فائدة من مناكفة مصر والكيد لها.


السيناريو الثالث: أن يتم المزج بين السيناريوهين السابقين، بمعنى تعميق التعاون من جهة، والتلويح للبلدان بأن إصرارها على «مضايقة مصر» لن يمر دون ثمن.


السيناريو الأول: لم يعد مجديا عمليا لأسباب متعددة أولها أنه لن ينهى المشكلة، ثم إن أضرار استخدام القوة العسكرية فى مثل هكذا مشكلة يزيد تفاقمها ولا يحلها، وعلينا تذكر أن كل القوة الأمريكية فشلت ولاتزال فى حسم الحرب فى أفغانستان.


السيناريو الثانى:جيد جدا فى حالة أن تكون العلاقات سوية وطبيعية، لكن المشكلة أن هناك أطرافا كثيرة «تلعب» فى المسألة، وبدأت تكتشف أن مياه النيل هى نقطة الضعف المصرية، أو «الملح» الذى يتم وضعه دائما على الجرح، وبالتالى، فإن التركيز فقط على هذا السيناريو يدفع البعض للمزيد من الابتزاز وطلب أثمان باهظة مقابل التوقف عن المناكفة.


السيناريو الثالث: يبدو أكثر ملاءمة، لأنه على الأقل يضمن حسن نوايانا أولا، ولن يضعنا فى موقف المعتدى، ويحفظ كرامتنا ويجعل الآخرين لا يغالون كثيرا فى مطالبهم.


وللموضوعية ورغم الأخطاء الفادحة التى ارتكبتها الحكومة المصرية فى ملف مياه النيل طوال السنوات الماضية فإن إدارة هذا الملف فى الشهور الأخيرة شهدت تحسنا ملموسا وأثمرت بعض النتائج على الأرض. أبرزها أن اجتماع وزراء رى دول مجلس حوض النيل الأخير فى الإسكندرية وافق على مهلة مدتها 6 أشهر لحسم النقاط الخلافية فى الاتفاق الإطارى لبلدان حوض النيل، مما قد يعطى مصر فرصة أخرى لتحقيق مطالبها الثلاثة الأساسية فى الاتفاقية وهى الحفاظ على حصتها «التاريخية».


وأن تكون القرارات بالإجماع، وألا تقام سدود من دون موافقتها هى والسودان.


أهمية وخطورة ملف مياه النيل يجعلنا نبذل كل ما نستطيع كى نحافظ على حصتنا، بل والعمل على زيادتها وبداية ذلك هو التخطيط الجيد وتعميق العلاقات مع بلدان حوض النيل، لكن الخوف الحقيقى هو ما الذى يجعل الرهان على الحكومة فى هذا الملف وهى التى فشلت فى كل الملفات المشابهة؟!


ملحوظة:المقال بقلم\عماد الدين حسين, نشر في جريدة الشروق المصرية بتاريخ 4\8\2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق